١٩٦٣/٨/٢٠ ” ثورة مؤنس على أبيه، وظمأه لأبيه ..”

منيفي..

لا أكاد افرغ من الكتابة إليك حتى اشعر بحاجة إلى الكتابة ثانية والحديث ولو خلال وريقة تحمل عباراتي وأشواقي إليك يجعلني اشعر بأنك قريب منا وأننا قريبون منك لا تفصلنا كل تلك المسافات الشاسعة… وأما مؤنس فقد استمرت ثورته عليك إلى ما بعد الظهر ثم اقترب مني وطلب رسالتك ليقراها ثانية فناولتها له وقلت “مع انها باسمي ولكنه يذكرك في كل فقرة تقريبا ومعظم جمل الرسالة مكتوبة بصيغة الجمع ” لا تقلقوا.. لا تنزعجوا ..” وهذا يشملك طبعا فابتسم ولم يجب وغاص بالرسالة يلتهمها بعينيه وقلبه وكأنه يريد أن يراك ويسمعك ويلمسك خلالها! مسكين  مؤنس! أو انه محظوظ يتفتح قبل أوانه وينضج نضجا تاما وهو ما زال في طور الطفولة ولكن اشد ما يؤلمني ويحز في نفسي انه في حاجة ماسة إليك وان الفراغ الذي يتركه غيابك لا يملؤه شيء في الدنيا… انه في لهفة دائمة إليك لهفة مستمرة متواصلة عرفها طيلة سني حياته… عرفها منذ عامه الأول … لذا فهو يشعر بغيابك كما لا يشعر به أي طفل آخر واكبر ظني انه يخاف غيابك حتى وأنت بيننا وانه لا يشبع أبدا منك ولا يتخلص أبدا من قلقه عليك.!

ها أنا مرسلة لك بعض الكتب. وعددها ثمانية أرجو أن تعجبك. وقد طلبت من المكتبة كتب سيمون دي بوفوار الأخرى فان كنت ترغب بقراءتها أرسلتها لك حال وجودها في المكتبة. سأرسل لك مع الكتب كروزين سجائر وسحارة فواكه أرجو أن تصل بدون أن يتخبص فيها شيء أرجو تطميني عن الحالة التي تصل بها .

سأنهي رسالتي لتلحق بالبريد. ومؤنس مضرب عن الكتابة اليوم احتجاجاً عليك. لك حبي وقبلاتي وقبلات الأولاد.

لمعه

الرسالة بخط اليد: