١٩٦٣/٩/١٠” هاجس الرسائل: بعضها يصل والبعض يصل متأخراً والبعض لا يصل إطلاقاً..”

الجفر

لمعتي :

وهذه رسالة أخرى لست ادري إن كانت ستصلك كذلك. أو في أي ميعاد ستصلك. وان كنت قد علمت من أمين الذي استلم رسالة من إسعاف اليوم ، بان جميع رسائلك المتأخرة قد وصلت إليها في يوم واحد.فهل ستصلك هذه الرسالة وهل وصلت رسائلي السابقة؟ اقدر أنها لم تكن قد وصلتك بعد على الأقل لغاية 6\9. وإلا كنت تلقيت اليوم رسالة منك أو من مؤنس.

ولذلك فسأعيد مرة أخرى، كما سأظل أعيد حتى اعرف انك استلمت الرسائل، أني أرسلت وكالة بيع  السيارة، وأنني أرسلت لكم في الأسبوعين بمعدل رسالتين في كل بريد واحدة لك والأخرى لمؤنس. وان سلة الفواكه اقرئي عليها  السلام. كما كتبت لمؤنس مرتين أن يصر على أن يصطحبك إلى حفلة فيروز. حياتنا الرتيبة تسير هنا كالمعتاد. ولكن نفسياتنا تتحسن وتسوء بنسبة ما يصلنا أو لا يصلنا من رسائل. ولعلنا لو كنا نعلم مقدماً أن رسائلنا تتأخر لكان الأمر أهون علينا. أما ونحن نفاجأ مرة بإرسال الرسائل بسرعة ومرات بانقطاع هذه الرسائل فان نفسياتنا تصبح كالباروميتر ارتفاعاً وانخفاضاً.

إن وجود حمدي وأنيس يضفيان على حياتنا هنا لوناً مرحاً خاصاً لم نعرفه في المرات السابقة. ولكن حمدي تغير من عدة نواح . هل تصدقين انه أول من ينام  وأول من يصحو؟ في التاسعة والنصف يكون قد نام وحلم. ولكنه يستيقظ في الرابعة والنصف صباحاً. وهو أيضا يمضي وقتا كبيراً في القراءة ولا سيما باللغة الإنجليزية . أما أنيس فبالإضافة إلى مرحه فهو أنشطنا جميعاً وأكثرنا حركة.

اتقدم في العمر.. ولم اعد اغني..! 

وأنا اقرأ بنهم شديد . واقرأ في كثير من الأحيان كتابين معاً. احدهما جدي ومتعب والآخر خفيف ومسلٍ. لكن معظم وقتنا، على الرغم  من ذلك، يضيع فراغ في فراغ. بلعب الورق، أو بالحديث الذي لا طائل من ورائه. ويبدو أني بدأت أتقدم في العمر. فانا أولا اشد كسلاً من ذي قبل. فمع أني امشي كل يوم مرتين فانا امشي اقل من المرة السابقة بكثير.

وأنا ثانياً لم اعد أُغني(1) والسهرات التي كنت أتولاها في السابق لم يعد لها وجود الآن. عدا أنني أصبحت أنام في الحادية عشرة وأصحو في السادسة . وألغيت نوم بعد الظهر إلا نادراً.

لمعتي..

سأنتظر بريد الغد بفارغ صبر . فليس سهلاً أن يمر عليٌ عشرة أيام لا أستلم فيها منكم إلا رسالة واحده من كل منكما.

قبلاتي لمؤنس ولعمر . وسلامي إلى الجميع. ولك حبي وأشواقي.

منيف

 الرسالة بخط اليد:

 

(1) كان لمنيف صوت عذب، وكان يتقن العزف على العود. ولطالما غنى لعبد الوهاب وام كلثوم.