١٩٥٨/٩/١٩ ” مؤنس يحلم بعودة ابيه “
منيفي الحبيب،
أرسلت إليك البارحة طرداً يحتوي على بعض الكتب وجرزاية صوف و كلسات.. وكنت أسمعك في نفسي تردد كلمتك هل انت متشائمة؟ وضحكت.. ستظن أنني متشائمة عند استلامك للطرد ولكن لا.. من يدري فالجو يتحسن.. ومؤنس قد حلم بالليل أن شخصاً ناداه وقال له ماذا تريد يا ولد؟ فقال “أريد بابا” فأجابه الشخص المجهول في الحلم “سيأتي إليك في نهاية الشهر” فسأله “ايش يعني آخر الشهر؟ ” ولكنه طار واختفى ولم يجب وقد استيقظ واتى لفراشي وقص علي الحلم وسألني ماذا يعني آخر الشهر؟! فهل تصدق أحلام هذا الطفل الصغير الذي ينتظر وينتظر ولا يمل الانتظار؟
وكنت بالأمس أحممه وبينما أنشف شعره قال “ماما أنا بدي شيء، فسألته عن هذا الشيء فقال “بابا”.
أما العيادة فلم يتم في أمرها شيء. انه ينتظر وانا انتظر ان أستطيع تدبير المبلغ وقد يكون ذلك ممكنا فلا تشغل بالك وسأحاول اليوم إرسال كلمه للدكتور عيسى وسنرى ما يتم. أما تليفون العيادة فقد قدم والدي طلبا لإرجاعه للبيت بسبب مراجعة نورس المتكررة من أجل رفعه من العيادة وهكذا رُفع التليفون وأبقوه في البريد وقالوا بأنهم سيحتفظون به لك إلى حين عودتك مادمنا نسدد الأقساط، ونحن نفعل طبعاً.
أما سبب إرسال المبلغ في حوالتين فهو ان الحواله الواحدة لا تكتب بأكثر من أربعين ديناراً وهكذا كان لابد من كتابة أخرى بالعشرة.
سررت جداً بأخبار الاجتهاد والتفوق.. كان عليك أن تخبرني بأنك عدت إلى الدراسة لأتابع أنا دراستي هنا لئلا تسبقني، وانا انضم إلى صف أمين(1) وأقول هذا غش أيضاً.
وعلى كل فأنا فخورة ومؤنس تبرق عيناه زهواً بوالده التلميذ العظيم الذي طلع الأول! (بس بيني وبينك كم عدد التلاميذ؟!)
أما مبلغ وليد فقد أرسلته ولكن للأسف بعدما أرسلته وصلتني رسالة يقول فيها لا داعي لأن نضايق نفسنا فهو يستطيع تأمين حاله من مصدر آخر، أي من الدكتور صهيون(2) كما شرح لي ليطمئنني وقد قال برسالته بأن صهيون قد أصر عليه بشكل جدي. وعلى كل فسأسأل عن المبلغ الذي ذكرته انت في البنك. وأما المبلغ الموجود لدي للأسهم فسأدفعهم للعيادة إن ضايقني صاحبها ولم أجد وسيله غير ذلك. وعلى كل فأنا اكتب لك تفصيلات ما يحدث لا لتشغل نفسك وتتضايق إنما مجرد حديث عابر.. ومهما تكن الظروف فسنتدبر الأمر.. وعندي أيضاً أقساط السيارة التي تدفع بانتظام وأستطيع تجميعها ليكمل المبلغ المطلوب.
أما بشأن كتابتك لبشارة فأرجو ألا تفعل ، فإنني ألان….
الرساله بخط اليد:
(1) امين شقير رفيق منيف في الجفر.
(2) د.طوني صهيون ، مدير مستشفى الطلياني لاحقاً.