عمر الرزاز

مؤنس و الغزلان –

حلمت.. حلمت أنني دخلت غرفة الجلوس، كان مؤنس في مقعده المعتاد، دنوت، عانقته ونحبت. قال إن الأطباء تمكنوا من إسعافه في آخر لحظة.. حمدت الله على رأفته بعائلتنا الصغيرة.. ثم استيقظت على بكاء ابني الرضيع .. مجرد حلم .. مجرد حلم يتكرر.

معلقٌ بين حلم موجع، ويقظة غير مرغوبة يعود ذهني نحو مؤنس.. فتنبثق عيناه.. أفتقد عينيه.

عينا مؤنس واسعتان، جاحظتان، رقيقتان.

لونهما من تراب الأرض الخصبة.

له عيون المها ويقظتها.

له شغفها بحرية مطلقة غير مقيدة.

له عيون المها في ترفعها.

له عيونها الحالمات.. التي ترى أبعد مما نرى، وتسمع ما لا نسمع.

له عيون المها التي ضاقت بها الأرض اذ انتشر الصيادون في كل مكان، وأتى الإسمنت والإسفلت على كل مراعيها الخضر.

له عيون المها الجاحظة، الرافضة ان تطأطئ الرأس أمام طغيان الإنسان.

ليس هذا بزمن المها.

ليس هذا بزمن الآفاق السحيقة والبراري الخضر، براري المها العربي انقلبت محمية، والمحمية صارت حظيرة، فإن تنقرض المها في الحظيرة ربما رحمة .. رحمة بالمها.

في زمن الإسمنت والبارود.. كل المها آيلة الى الانقراض، لنحمِ المها المتبقية.. ولنحمِ ذاكرة من قضوا.. علّ جيلا من المها يعود ليقتلع الإسمنت والأسلاك الشائكة.. يدفن البارود في باطن الأرض ويفرش وجهها بالحنون والزعتر.. وتعود عيون المها بشغفها للحرية والحياة، وتنتشر بالأرض.

 

* عمر الرزاز

شقيق الروائي الراحل مؤنس الرزاز

http://www.alghad.com/index.php?news=482968