علي محمود خصاونة

 كتاب غرباء في بلادهم – صفحة 238  + 421

 لقد كان الدكتور الرزار رضي النفس، خفيف الظل، يطفى على شخصيته الذكاء المفرط، والفكاهة اللاذعة، ويتعامل مع الناس والقضايا بالصراحة والصدق وروح النكتة.. وكان مفرضا في انسانيته لدرجة أنه وحين كان ضيق اليد كان يعالج معظم  مراجعيه بالمجان بل ولمعظمهم يعطي الدواء اللازم يجنبهم إشكال إيجاد المال لشرائه وأكثر من ذلك كان لا يتقاضى أجرة طبابته من كل مراجعيه من ذوي رفاقه وأصداقئه وان كانوا ميسوري الحال وفي رغد ونعمة.

ويتمتع الدكتور منفي بحس مرهف مع نزوع للطرب وعشق للغناء حتى أنه كان يغني هو نفسه وخصة لأم كلثوم التي كان مولعا بفنها، وحين كان يغني أغاني أم كلثوم تخال نفسك تسمع أم كلثوم ذاتها بصوت محمد عبدالوهاب.

الدكتور الرزار كان طوال حياته يتمتع بروح المرح والدعابة الى جانب إمتلاكه لساناً لاذعاً، وهو قبل كل ذلك المثقف الثقافية العالية، والقارئ بسخاء وكثرة.. وهو إنسان محب للإنسان، ويشعق خدمته، فحين كان في عمان كانت عيادته مفتوحة لكل الغلابا، والمساكين، والفقراء وخصاة من الأرياف والبادية، وكانوا هؤلاء يأتون اليه من كل ناحية، وكان يرعى صحتهمويعتني بها وفي الغالب كان الدواء يعطى لهم منه بالمجان، وكل ما يقدمه لهم كان من غير عائد ولم يكن يقصر خدمته هذه لذلك الصنف من الناس. بل إن أصدقاءه وأقرباء أصدقائه كانوا عنده بنفس القدر من الخدمة التطوعية، وما أكثر ما تجشم العناء ومشى المساقة الطويلة أو استقل داة نقل ليعود مريضا ويكتفي منه بالشكر.

            والدكتور منيف كان عاشقاً لصوت أم كلثوم، وكان من الثقة بالنفس والإعتداد بذاته المجردة أنه كان يقيم أمسيات خاصة ليغني لنا أغاني أم كلثوم وكثيراً ما حدث ذلك أيام الخميس، فيبدأ الحفل من الساعة الثامنة مساءاً ولمدة ساعتين أو لثلاة والمطرب فيه، والشادي بشجن وحنان بأغاني أم كلثوم كان الدكتور منيف الرزاز، وحقاً كان صوته مطرباً، وكنا ننسى أنه رجل، وأنه هو الدكتور منيف ونحسب اننا امام أم كلثوم نفسها.