١٩٦٣/١٠/١٢ ” الانتصار على صعوبات الحياة..”
حبيبي مؤنس
إن رسائلكم تصل إلينا في كل بريد. ومع أن رسائلي لاتصلكم فانا في الواقع اكتب لكم بإستمرار، ولكني آمل أن تصلكم جميعها، كالعادة، دفعة واحدة. أو لعلها قد وصلتكم حتى الآن.
أنا أعلم أنك تتضايق كثيراً بسبب هذا البعد المفروض علينا. والذي لاإرادة لنا فيه. أنا أعلم ذلك لأني أحسه. بل لعلي أحس أكثر منه. لأني أشعر أني مسؤول إلى حدما عما اسببه لكم من ضيق. فأنا أب. ولكنني أشعر مع ذلك بأن هذا الألم الذي تحس به ليس ضرراً كله. فالألم هو طريق الرجولة. وأنت لن تصبح رجلاً قوياً ناضجاً في المستقبل إلا إذا أحسست بالألم وأنت صغير وتعلمت كيف تنتصر على هذا الألم. انت تتحدث عن أنك ستصبح مهندساً عندما تكبر، أرجو أن تحقق ذلك. وحتى يكون الانسان مهندساً يجب أن يدرس. أما إذا أراد أن يكون مهندساً ناجحاً ورجلاً ناجحاً فيجب أن يمتلئ قلبه بالأمل. ولا شيء يملأ القلب بالأمل مثل الألم. جميع الرجال العظماء تألموا. فلا تظن أن طريق الحياة سهلة وممهدة. فالإحساس بالألم هو الذي يربي في النفس روح الانتصار على صعوبات الحياة. وأنا واثق بأن الألم الذي تشعر به اليوم سوف يدفعك سريعاً في طريق الرجولة وطريق النجاح في المستقبل.
يظهر أن أخاك عمر يتطور بسرعة، ويكبر بسرعة. فلستم أنتم فقط الذين تتحدثون عنه، حتى خالتو بهيه كتبت لعمو حمدي عن التطور السريع في لغة عمر وفي كلامه، فقد كتبت عن كيف كان عمر يتحدث إلى رنا حديثاً طويلاً. وكيف كانت رنا تكتفي بأن تهز رأسها مشدوهه ومعجبة به. ولاشك أن عنايتك به، إلى جانب عناية الماما، كان لها أثر كبير في ذلك.
عظيم جداً أن يبلغ التلاميذ عند خالتو نعمت هذا العدد الكبير. ولاشك أن مدرستها ستنجح. فبلغها أن هذا يسرني كثيراً. وأنني أتأمل أن يزيد نجاحها أكثر وأكثر. هل ماتزال الماما تساعدها بعد أن شفيت أن لا. وهل ينزل عمر إلى المدرسة يومياً؟
سلامي إلى الجميع. ولاسيما إلى هشام وهيثم وهمام. أرجو لكم جميعاً الصحة الطبية والنجاح الموفق. وإليك وإلى عمر والى الماما حبي وقبلاتي.