١٩٥٧/٨/١٠ ” تأجير السيارة والعيادة لتوفير الدخل ؟ “

لمعتي الحبيبة :

لك قبلاتي الكثيرة وحبي وشوقي . وبعد فهاهي الأيام تمر . والشوق يزداد . ولسنا ندري متى تنتهي . أوليس عندكم بادرة نهاية؟ تصلنا هنا أخبار عن قرب نهاية هذا العهد. فهل يا ترى هي مجرد تمنيات؟

تعبت اليوم من كتابة قصة لمؤنس. لا ادري هل ستعجبه ؟ وانا فقير في اختراع القصص. ولكن أرجو أن تكون هذه معقولة. وهي طبعا ليست مخترعه وإلا لفشلت فيها فشلاً تاماً. قلت إنني تعبت اليوم من كتابة هذه القصة التي أخذت مني مجهود ثلاث ساعات. ولذلك  فسيكون كتابي هذا قصيراً.

الأرجح انك فد تركت الوظيفة الان ورجعت إلى قواعدك. ولذلك فالأفضل أن يستعمل ابو زياد السيارة كسيارة تاكسي على أن يحيطها بالعناية اللازمة.

أما العيادة فإن لم يمروا  فمعنى ذلك أنهم لايريدون ان يعملوا في الوقت الحالي. فلا داعي للإلحاح. وعلى كل حال فالوعود التي تمنح في الجفر لا قيمة لها بعد الخروج. كما يظهر.

الأغراض وصلت. أما البسكوت فعلبة واحدة وليس علبتين. وأظن أنها كذلك من الأصل بدون جمرك لأن الطرد لايتسع لأكثر منها فقد كان معبأ تماماً. هل يمكن إرسال بعض علب الخضار؟ لا حاجه لارسال البسكوت فهو هنا من أدوات الترف التي لا تنسجم مع الجفر.

الجو كان حاراً جداً في الأسبوع الماضي. ولكن لا أظن أننا تضايقنا أكثر من أهل عمان. فنحن محتمون داخل الجدران خلال النهار. والليل هنا دائما معقول. وكانت هناك بعض الزوابع ولكن كما قلت لم تؤثر فينا داخل الجدران.

كيف صحتك الآن؟ هل انتهت الحرارة؟ لماذا لاتراجعين زهير (1)؟ أما من حيث مؤنس فالأفضل أن يستعمل السلفا مدة ما. وان كانت الحالة قد اشتدت على ما أظن بسبب الحر.

طلب مني أنور(2) في الأسبوع الماضي أن أكتب له تقريراً عني يرفعه هو لنقلي الى عمان، بناء على طلب عمي أبو الوليد، رفضت مبدئيا وقلت له أجلها والسبب انني لا أريد أن أحرجه. ولو كان هو كتب التقرير بنفسه وأرسله فلا بأس، أما مجرد طلبه أن اكتبه له فمعناه أنه غير متحمس لهذا. كما انني أرجح أن ليس هناك تأثير لمثل هذا التقرير، فهنا معتقل مصاب بالسل وقد طلب الدكتور نقله عدة مرات وحتى الآن كانت النتيجة دائماً الرفض.

هل وصل فاروق؟ وكيف صحته، سلامي إليه، وما هي أخبار وليد؟ تصله دراهم باستمرار؟(3)

وختاماً لك قبلاتي الحارة وأشواقي ولمؤنس وللجميع.

منيف

” أعيش معكم على الورق .. لكن بلا زمن..”

لمعتي الحبيبة:

كتبت كتابي الأول بعد أن فرغت من قصة مؤنس. وكنت تعباً وكان لا بد ان اكتب لك لأني خشيت أن يأتي أنور اليوم فيجدني خالي الوفاض. أما وهو لم يأت فها انا أرجع اليك في هدأة الليل أناجيك وأحدثك ولأكون معك وتكوني معي. إن كان لي هنا ساعات حياة حقيقية فهي تلك التي أجتمع إليكفيهاولوعلىالورق. وبقية ساعاتنا ساعات ولكن بلا زمن. الزمن هنا لا يدور. لا يتحرك، أيامنا هنا ليست أياما ولكنها يوم واحد يتطاول ويتضاعف كل مشرق شمس. يتكرر ولكن لا يتغير. ليس منا الزمن ولا نحن منه. وإنما نعيش على هامشه. لا يكاد يحس بنا.. كما لا نكاد نحس به.

نحن هنا نعيش أحيانا في الماضي. نجتره ونعيد ذكرياته ونعيشها، نعيدها مرات ومرات ونسمع الحكاية الواحدة مرات ومرات. وندعي أنها جديدة. وندعي أننا لم نسمعها ونغش أنفسنا. وقد نعيش في المستقبل. نصوره ونبنيه كما ينبغي ونريد ونأمل. وأما الحاضر. فماذا في الحاضر غير ذلك الماضي وغير أمل المستقبل؟؟ إلا العدس ودنيا العدس؟

والأيام تمضي. ولا نحس أنها تمضي. والزمن يمر ولكنه نسينا او كأننا نسيناه. نحن أموات كالأحياء.أو أحياء كالأموات. لحظات حياتي هي التي اعيش معكم فيها.  ولذلك أكتب ما وسعني أن اكتب. ولكنني لا اكتب إلا حين تتاح لي الوحدة. وحين يكون ثمة وسيلة لأرسل ما أكتب.

لمعتي:

أنا أحبك. وقد أكون أشقيتك ولكنني أحبك. وقد أكون قد تصرفت غير ماكنت تحبين أن أتصرف. ولكنني أحبك. أحبك وأعبدك..

منيف

الرساله بخط اليد:

(1) د.زهير ملحس ، صديق وطبيب العائلة.

(2) د.انور بلبيس ، طبيب مستشفى معان الحكومي.

(3) فاروق بسيسو و وليد بسيسو شقيقا لمعه، كانا يدرسان الصيدلة والطب في بريطانيا.